الأم مدرسة إذا أعددتــــها

أعددت شعبا طيب الأعراق ----
الأم روض إن تعهده الحيا

بالري أورق أيمـــــا إيراق ----
الأم أست
ـــاذ الأساتذة الألى

شغلت مآثرهم مدى الآفــاق ----

قال تعالى في كتابه :( وقضى ربك إلاَّ تعبدوا إلاّ أيَّاه وبالوالدين إحساناً )

( واعبدوا الله ولا تشركوا به شيئاً وبالوالدين إحساناً )
( ووصينا الإنسان بوالديه ... أن أشكر لي ولوالديك إليَّ المصير )
قال : رسول الله صلى عليه وآله وسلم / الجنة تحت أقدام الأمهات
هي جنتي وجناني
هي سمائي وأرضي
هي بحري وأنهاري
هي ودياني وأزهاري
هي قلبي وروحي ووجداني
هي كل الوجود والموجود
هي حبيبتي ماما مكـيـة

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

من علمني حرفا كنت له عبدا !!!
عفوا ... لن أكون عبدة إلا لخالقي
أنا ممتنة وشاكرة لمعلمتي / أم هيمن
من لا يشكر الناس لا يشكر الله ...
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
مشاركة من الدكتورة : طيبة صادق
/ الرابط /

http://culture433.blogspot.com

الاثنين، 4 أكتوبر 2010

أولاً : التربية

إن تربية الطفل إذن، يجب أن تبدأ منذ المهد، وذلك بتنشئته على الأخلاق الفاضلة والعادات الحسنة، قبل أن يبدأ باكتساب العلوم أو يتشوه سلوكه بالعادات السيئة. يقول (دي نوي): (وعلى التربية الأولى أن تكيف أخلاق الولد ما دام دماغه ليناً خلواً من كل أثر وينبغي أن يتم هذا العمل الإعدادي قبل أن يكون احتكاك شخصيته بالعلم قد كوّن عادات يصبح من الضروري محاربتها يوماً ما) (60).

ولا شك في أن هذه الفترة، من حياة الطفل إنما هي من أنسب الفترات وأخصبها وأكثرها أثراً على حياته ومستقبله، وذلك أنه (بقدر ما يكون الولد حديث السن، يسهل الحصول على نتيجة تربيته، فتنطبع القواعد فيه انطباعاً لا يمحى، وتأتي التأثيرات الأخرى الناتجة عن احتكاكه بالمحيط فلا تزيل أثرها. أما إذا جاءت القواعد الخلقية المعقدة وفرضت على الولد، بعد أن يكون سلك سلوكاً شخصياً، فلسنا نتمكن من محو الارتكاسات الذاتية) (61).

ولقد تحدث الإمام علي (عليه السلام) عن هذا الأمر قبل ذلك بآلاف السنين. إذ يرى وجوب مباشرة الحدث بالتربية وتعهده بها، قبل أن يقسو قلبه أو ينشغل عقله بالعقائد والعادات السيئة التي تهجم عليه وتطبع سلوكه إذا ما وجدت سبيلاً لها إلى عقله، الذي يصوره الإمام (عليه السلام) بقوله: كـ(الصفحة البيضاء) أو كـ(الأرض الخالية ما ألقي فيها من شيء إلا قبلته) (62).

وهكذا، فقلب الحدث خال من الانتقاش بالعقائد مع استعداده لتقبل ما يلقى إليه من خير أو شر كما يقول الغزالي: (وقلب الطفل الطاهر، جوهرة نفيسة ساذجة عن كل نقش وصورة، وهو قابل لكل ما نقش، ومائل إلى كل ما يمال به إليه، فإن عود الخير وعلمه نشأ عليه وسعد في الدنيا والآخرة.. وإن عود الشر وأهمل إهمال البهائم شقي وهلك) (63).

نستنتج من ذلك أن المعرفة لا تولد مع الشخص، وإنما يولد معه الاستعداد لتحصيلها، وهذا هو معنى وجود العلم بالقوة في النفس الإنسانية. وهو قابل للتعلم منذ صغره، لأن حواسه ومداركه تكون منفتحة ومتيقظة ومستعدة لتقبل ما يلقى إليها، (فإنه في الوقت والساعة تدرك حواسه محسوساتها) (64).

1- وظائف التربية: أعلى

ولا تقتصر وظيفة التربية على إعداد الإنسان أخلاقياً صالحاً بل هي تمتد لتلعب دورها في تطور البناء الاجتماعي من خلال: نقل التراث الثقافي وتغيير كيان الفرد والمجتمع.


ـ نقل التراث الثقافي

إن تحليل معنى التراث الثقافي وعلاقة الإنسان به، يوضح مدى أهمية العملية الاجتماعية التي يتم بواسطتها نقل الأنماط الثقافية من جيل إلى آخر يأتي بعده.

فالثقافة تعني مختلف وسائل التعبير وأنماط السلوك التي تبرز خصوصية شعب من الشعوب، لذلك فهي تشمل، استناداً إلى رأي الأنثروبولوجين الأميركيين بشكل خاص (على كل أنماط السلوك التي يعبر بها الإنسان عن نفسه والتي يشاركه فيها الآخرون، فهي تشمل الأدب والفن والديانات والميثولوجيات والأخلاق أو الآداب القومية والشعبية ومظاهر الحياة الاجتماعية من لباس وتزيين وكيفية طبخ وأكل.. الخ، فهذه كلها تعابير ورموز وآيات يعبر بها الإنسان عن نفسه، فهي ثقافته حتى لو كانت تقتصر على بعض المظاهر الفلكلورية) (65).

وإذا كان التراث الثقافي مبعث آمال الأئمة وملهم مشاعرها وعنوان تقدمها والانقطاع عنه يؤدي إلى هدم الأساس الذي تقوم عليه حضارتها، فإن إعادة نبش هذا التراث من بطون التاريخ، ونفض الغبار عنه وصياغته صياغة جديدة تقتضيها الحال عملية تربوية شاقة يضطلع بها الجيل السابق لتقديمه غذاءً سائغاً إلى الناشئة من الأجيال اللاحقة. ومن هذا المنطق، فقد عرفت التربية بحسب دلالتها وعلاقتها بالحياة الاجتماعية. وهذا ما فعله المفكر الاجتماعي المشهور (اميل دوركهايم) في أوائل القرن الحالي، بقوله أنها (التأثير الذي يجزيه الجيل الراشد في الجيل الناشئ) (66)، وهذا ما كان قد عبر عنه ابن خلدون في الربع الأخير من القرن الرابع عشر، عندما نظر إلى القضية، نظرة المفكر الاجتماعية ولاحظ أن الجيل الناشئ يتشوق إلى تلقي العلوم والمعارف من الجيل الذي سبقه فيقول: (وهي مع ذلك صنائع يتلقاها الآخر عن الأول منهم) (67). وقول ابن خلدون هذا لا يختلف معنى ومدلولاً عن قول (إميل دوركهايم) السالف الذكر.

ولقد تحدث الإمام (عليه السلام) عن هذا التفاعل الثقافي والاتصال الفكري بين الماضي والحاضر، انطلاقاً من تراث الإسلام المشرق، الذي صوره أقوالاً وأفعالاً ومبادئ تربوية يمكن الاستفادة منها في بناء الإنسان الفاضل، ومن تأكيده على أهمية هذا التراث وأثره الفعال في شحذ الهمم، نراه يتوجه إلى كل إنسان بما يراه صالحاً له في الدنيا والآخرة، فينقل إليه آثار الأولين والآخرين، نقية صافية من الأخطاء والشوائب من خلال السير في ديارهم وتتبع آثارهم وتمييز ما ينفع وما يضر منها. فالاتصال بالجذور لا ينبغي أن يكون عشوائياً بحيث يجذبنا التراث ويأسر أفئدتنا فنأخذ منه الغث والثمين. لهذا وحرصاً على صلاحية الهدف الذي نتوخاه من التربية يجب (أن لا يكون الاتصال بالماضي ضرباً من التبعية أو العبودية لهذا الماضي إذ لابدّ لنا من أن نجتهد على الماضي فنتجنب السلبيات ونؤكد على الإيجابيات) (68).

كذلك، فإن محتوى النقل الثقافي يجب أن يكون هادفاً بحيث يتحدد بنوع المواطنة الصالحة التي نريدها ونوع المجتمع الذي ينبغي بناؤه وتكوينه بحيث تكون أهداف التربية منسجمة مع أهداف المجتمع حتى لا يحصل التناقض بينهما فتكون النتيجة خلاف ما نتوخاه ونعمل له. وليس أدل على ذلك من الاضطراب والتفكك الذي يظهر في المجتمعات التي تنشد التطور بينما هي ترزح تحت عبء القيم التربوية البالية والمتأخرة. لهذا (.. فالتربية ملزمة بهذه الوظيفة وعلى عاتقها يقع عبء الاختيار من بين الاتجاهات والقيم والعادات والمعارف والعلوم التي توجد في المجتمع على أساس التمييز بين المرغوب فيها والمرغوب عنها، ذلك أن كل مجتمع يتضمن الكثير من العناصر المختلطة والأفكار المتنوعة، والقيم المتعارضة المتشابكة. فوظيفة التربية في هذا المجال تكمن في تنمية الاتجاهات والقيم المنتقاة على ضوء الأهداف العليا لذلك المجتمع) (69).

من أجل ذلك فإن أول ما يجب أن تنقله التربية إلى الأجيال الناشئة، هو كتاب الله، تنقله إليهم نقباً صافياً، خالياً من الشوائب باعتباره من أهم الركائز التي يجب أن يستند إليها الإنسان طيلة حياته لتقويم اعوجاج سلوكه وتنقية نفسه من الأدران التي علقت بها من جراء الابتعاد عن السبيل الصالح الذي رسمه الله في كتابه الكريم. وهذا ما أكده (عليه السلام) حيث اعتبر القرآن الأداة الفعالة في بناء الفرد والجماعة، فقال في وصية الحسن (عليه السلام)، المولود البكر لأمير المؤمنين والإمام الثاني من أئمة أهل البيت: (وأن ابتدئُك بتعليم كتاب الله عزّ وجلّ، وتأويله وشرائع الإسلام وأحكامه وحلاله وحرامه لا أجاوز ذلك بك إلى غيره) (70).

لقد كانت الغاية من وراء ذلك، أن يزود الحسن (عليه السلام) ومن خلاله أهل الإسلام جميعهم بمقومات التغيير قبل أن تلتبس عليه أهواء الناس وآرائهم ومعتقداتهم الباطلة فيقول، (ثم أشفقت أن يلتبس عليك ما اختلف الناس فيه من أهوائهم وآرائهم مثل الذي التبس عليهم فكان أحكام ذلك على ما كرهت من تنبيهك له أحب إليّ من إسلامك إلى أمر لا آمن عليك فيه الهلكة ورجوت أن يوفقك الله لرشدك، وإن يهديك لقصدك فعهدت إليك وصيتي هذه) (71).

هذا المبدأ التربوي الهام الذي قرره الإمام (عليه السلام) منذ أمد بعيد إنما يقضي باستغلال نقاوة الفكر الإنساني لزرعه بالمعلومات الصحيحة. قبل أن تهجم عليه الأخلاق الذميمة والآراء الفاسدة الأمر الذي يجعل من الصعب على التربية أن تعيد تشكيله من جديد، وهذا يتوافق مع أحدث المناهج التربوية في يومنا هذا.

ـ التغيير الفردي والاجتماعي

ويقصد به كل تحول يحدث في كيان الفرد والمجتمع، وهذا التحول ينتج عن الصراع بين القديم والجديد، وعلى أساس هذا الصراع تتحدد وجهة سير هذا التغيير وسرعته. ذلك أن كل نمط ثقافي جديد يقابل بموقفين متعارضين أحدهما يدفعها إلى الأمام، والآخر يشده إلى الوراء. لهذا فالثقة الاجتماعية، إما أن تكون متطورة (ديناميكية) ترحب بالجديد وتتفاعل معه، وإما أن تكون جامدة (استاتيكية) تحافظ على القديم وتصدر رياح التغيير عنه. من هذا المنطق، فإن موضوع التغيير الذي تحدثه التربية، أصبح من أهم موضوعات علم الاجتماع ممّا يفرضه على الأفراد والمجتمعات من تحولات متفاوتة بين القوة والضعف، ولها أثرها في إعادة ترتيب الحياة من جديد. إلا أن هذا التغيير لن يؤتي ثماره ما لم تتوفر له القيادة المتميزة بالصلابة والتماسك والتي لا ترضخ لعنف الرفض والمقاومة.

أ) التغير على مستوى الفرد

إن التغير الذي تحدث التربية في نفسية الفرد، إنما هو بداية للتحول العظيم الذي سيطال المجتمع ككل. وبما أن للقيادة دورها الهام في إحداث التغيير المطلوب، فإن الاقتداء بها أمر يساهم في سرعة هذا التغيير. ولقد أعطى (عليه السلام) القدوة التي يجب أن تحتذى لحسم صراع النفس مع شهواتها لصالح الإنسان الفاضل وكانت وصاياه ومواعظه تصب في هذا الإطار فيقول في وصية إلى (شريح بن هانئ): (واعلم أنك لم تردع نفسك عن كثير ممّا تحب مخافة مكروه، سمت بك الأهواء إلى كثير من الضرر فكن لنفسك مانعاً رادعاً، ولنزواتك عند الحفيظة واقماً قامعاً) (72).

وردع النفس عن شهواتها يستلزم الزهد في الدنيا، وما أكثر الخطب والمواعظ التي أوردها الإمام في الزهد تشبهاً بحياة الرسول والاقتداء به حتى قال فيه عمر بن عبد العزيز: (ما علمنا أن أحداً كان في هذه الأمة بعد النبي أزهد من علي بن أبي طالب) (73).

ولا شك أن السيطرة على أهواء النفس والزهد في الدنيا من أكثر الأمور المشجعة على السلوك الفاضل. والتربية التي نعتمدها، إنما تساهم في تنمية الحس الخلقي للفرد وصياغة فكره قوالب معينة وبفضل التربية ينتقل الإنسان من بيداء الجهل إلى ميادين العلم والمعرفة كما في وصية الحسن (عليه السلام): (فإنك أول ما خلقت به جاهلاً ثم علمت، وما أكثر ما تجهل من الأمر ويتحير فيه رأيك، ويضل فيه بصرك، ثم تبصره بعد ذلك) (74).

ب) التغير على مستوى المجتمع

إن التغير على مستوى المجتمع لا يتم بالصورة التي يتمناها رواد التربية فقد يكون سهل المنال وقد يقاوم بمعارضة شديدة، والمقاومة هي الأكثر حصولاً لتشبث القديم بقدمه، ورغبة الجديد في التطور والتقدم. وهذه حال رواد الصلاح والتغيير في العالم. وقس على ذلك حال الأنبياء والرسل والأئمة، والتاريخ يشهد بذلك. لقد جاوبه الإمام علي (عليه السلام) بمقاومة عنيفة من الفئات التي كانت تفضل الركود والجمود حرصاً على مصالحها وامتيازاتها فوقفت سداً منيعاً أمام رياح التغيير وحاولت منعه من تنفيذ برنامجه في الإصلاح، وقبل ذلك وقف النبي محمد (صلّى الله عليه وآله) ومعه الإيمان كله يصد موجات الكفر والضلال التي رفضت دعوته وأبت عليه مهمته في قهر الشرك ورسم معالم التوحيد.

إن روح الإصلاح والتغيير التي تنبعث من كلمات الإمام علي (عليه السلام) وتتأكد في مواقف ومناسبات عديدة، تقابل بالإصرار على العنف والرفض والمعاناة كما يقول (عليه السلام): فأراد قومنا قتل نبينا واجتياح أصلنا، وهموا بنا الهموم وفعلوا بنا الأفاعيل ومنعونا العذب، وأحلسونا الخوف واضطرونا إلى جبل وعر، وأوقدوا لنا نار الحرب) (75).

إن حسم الصراع لن يتم إلا بالثبات في المواقف والتماسك في النفس حتى في أحلك الظروف، فلا يفت اليأس من عضد القائد أو يتسرب إلى قلبه ولا يرهبه عنف الصراع واحتدامه، فالتربية التي يتحدث عنها الإمام (عليه السلام) هي تلك التي تبني كياناً للإنسان يلزمه باتخاذ المواقف الأكثر صلابة تجاه الحق، فلا تؤثر فيه الإغراءات، ولا تخيفه الأعاصير كما جاء في قوله إلى أخيه عقيل: (لا تزيدني كثرة الناس حولي عزة، ولا تفرقهم عني وحشة، ولا تحسبنّ ابن أبيك ـ ولو أسلمه الناس ـ متضرعاً متخشعاً، ولا مقراً للضيم واهناً، ولا سلسل الزمام للقائد ولا وطئ الظهر للراكب المقتعد) (76).

ولا شك من أن لهذا الثبات والتصميم في إزالة كل العوائق التي تحول دون بلوغ التغيير الاجتماعي الهادف، دوراً هاماً في تحقيق النصر النهائي بهدم صروح الحضارة البالية والتشييد لبناء حضارة خالدة (فلما رأى الله صدقنا أنزل بعدونا الكتب وأنزل علينا النصر)

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

تتم مراقبة جميع التعليقات قبل نشرها للحفاظ على النظام. الموافقة على نشر تعليق معيّن لا تعني الموافقة على محتواه. جميع الردود تعبّر عن رأي كاتبيها فقط. حريّة النقد والرد متاحة لجميع الزوار بشرط أن لا يكون الرد خارج نطاق الموضوع وأن يكون خال من الكلمات البذيئة. تذكّر قول الله عز وجل (ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد).